فصل: باب الخيار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. باب فيما نهى عنه من البيوع وغير ذلك:

«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَسْبٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى (وَيُقَالُ مَاؤُهُ، وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ. (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ وَكَذَا أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ جَوَازُ اسْتِئْجَارِهِ لِلضِّرَابِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبُ الْأُنْثَى صَاحِبَ الْفَحْلِ شَيْئًا هَدِيَّةً وَالْإِعَارَةُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ. (وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوحِدَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ (وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا، فَوَلَدُ وَلَدِهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ كَالْجَوْهَرِيِّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ وَلَدَتْ، وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ النَّهْيِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ. (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَالْمَضَامِينِ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ رَوَى النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا لِمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ (وَالْمُلَامَسَةُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: وَالْمُنَابَذَةُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ:«نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ». (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْتَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ. (وَالْمُنَابَذَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَيَأْخُذَهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْكَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ.«وَبَيْعُ الْحَصَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ) لَهَا (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: إذَا رَمَيْت هَذِهِ الْحَصَاةَ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ. (أَوْ) يَقُولُ (بِعْتُك وَلَك الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ شِئْت أَنَا (أَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي دَارِي بِكَذَا، وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ:«لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطٌ وَبَيْعٌ» (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَمَا تَقَدَّمَ. (أَوْ قَرْضٍ) كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْعَقْدُ.
(وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُسَمَّى، وَهَذَا حَاصِلُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصَحُّهَا بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَالثَّالِثَةُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ لِمَا سَيَأْتِي (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ (وَالْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيَّنَاتِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا الْأَجَلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}. أَيْ مُعَيَّنٍ.{فَاكْتُبُوهُ} وَأَمَّا الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ فَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِمَا. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ الْمَبِيعِ فَإِنْ شَرَطَ رَهْنَهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَالتَّعْيِينُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهُ لَمْ يَكُنْ مُبْعِدًا، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَتَقْيِيدُ الثَّمَنِ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُعَيَّنِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهَا لِي فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا أَوْ يَضْمَنَكَ بِهَا فُلَانٌ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَجَلِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ أُثْبِتَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ فِي الْمُدَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّكَلُّمِ عَنْ أَلْفَاظِ الْوَجِيزِ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ، وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعِينُ حَاصِلٌ. فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ.
(وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى{وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِأَيِّ عُدُولٍ كَانُوا وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِالْأَوَّلِ وَرُدَّ الْخِلَافُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَهُمْ هَلْ يَتَعَيَّنُونَ. (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ، وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدَيْنِ فَامْتَنَعَا مِنْ التَّحَمُّلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إنْ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ، وَالثَّالِثُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ كَمَا فِي النِّكَاحِ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْتَاقِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) أَمَّا فِي شَرْطِ الْوَلَاءِ فَلِمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِمَّا مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ أَوْ مُخَرَّجٌ
(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا صَحَّ) الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي. وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِ التَّتِمَّةِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ فَسَادَ الْعَقْدِ فِي الثَّانِي (وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا أَوْ لَبُونًا صَحَّ) الشَّرْطُ مَعَ الْعَقْدِ، (وَلَوْ الْخِيَارُ إنْ أَخْلَفَ) الشَّرْطَ (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) بِصُورَتَيْهَا لِلْجَهْلِ بِمَا شُرِطَ فِيهَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْكِتَابَةِ لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِهَا بِالِاخْتِبَارِ فِي الْحَالِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَا شُرِطَ فِي الدَّابَّةِ فِي ثَانِي الْحَالِ كَافٍ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ فَاشْتِرَاطُهُ إعْلَامٌ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا آبِقَةً أَوْ سَارِقَةً. (وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (وَحَمْلَهَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا فَفِيهِ جَعْلُ الْحَامِلِيَّةِ وَصْفًا تَابِعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْحَمْلِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَضُرُّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (وَلَا الْحَامِلِ دُونَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ. (وَلَا الْحَامِلِ بِحُرٍّ) لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْحَمْلُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ الْحَمْلِ مَعَهَا وَنَفْيِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) تَبَعًا لَهَا.

. فَصْلٌ: [أنواع البيوع المنهي عنها]

وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ بِضَمِّ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ النَّهْيُ فِيهِ الْبَيْعَ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (لِرُجُوعِهِ) أَيْ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ (إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ) لَا إلَى ذَاتِهِ. (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِيٌّ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) فَيُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، زَادَ مُسْلِمٌ«دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا التَّفْسِيرُ، أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ نَادِرًا لَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ ثَانِيهِمَا قَصْدُ الْقَادِمِ الْبَيْعَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، فَلَوْ قَصَدَ الْبَيْعَ عَلَى التَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْبَلَدِيُّ تَفْوِيضَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ الْعَالِمُ بِهِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ الْقَفَّالُ الْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدَوِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ا ه. وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ. وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ، وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ، وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَذَلِكَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ وَإِلَى الْحَاضِرَةِ حَضَرِيٌّ
(وَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ بِأَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةٌ يَحْمِلُونَ مَتَاعًا إلَى الْبَلَدِ فَيَشْتَرِيَهُ) مِنْهُمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ، وَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا تَتَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ«فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ غَبْنُهُمْ، وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَيَأْثَمُ مُرْتَكِبُهُ الْعَالِمُ بِهِ وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي، بَلْ خَرَجَ لِاصْطِيَادٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ فَالْأَصَحُّ عِصْيَانُهُ لِشُمُولِ الْمَعْنَى وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا خِيَارَ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا مَغْبُونِينَ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ سِعْرِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ، وَحَيْثُ ثَبَتَ لَهُمْ الْخِيَارُ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ تَلَقَّى الرُّكْبَانَ وَبَاعَهُمْ مَا يَقْصِدُونَ شِرَاءَهُ مِنْ الْبَلَدِ، فَهَلْ هُوَ كَالتَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا أَنَّهُ كَالتَّلَقِّي. وَالرُّكْبَانُ جَمْعُ رَاكِبٍ
(وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ فَيَأْثَمُ مُرْتَكِبُهُ الْعَالِمُ بِهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ. (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ بِكَذَا رُدَّهُ حَتَّى أَبِيعَك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْكَ بِأَكْثَرَ، وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى صَحَّ وَاسْتِقْرَارُ الثَّمَنِ بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا فَفِي السُّكُوتِ وَغَيْرِ الصَّرِيحِ لَا يَحْرُمُ السَّوْمُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ، وَمَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يَزِيدُ لِغَيْرِ مَنْ طَلَبَهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ.
(وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) بِانْقِضَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ (بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ (وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ) قَبْلَ لُزُومِهِ (بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ زَادَ النَّسَائِيّ«حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ:«الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ الْإِيذَاءُ وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ ارْتَفَعَ التَّحْرِيمُ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ، وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى دُونَ إذْنٍ صَحَّ
(وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) فَيَشْتَرِيَهَا، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«نَهَى عَنْ النَّجْشِ»، وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ النَّجْشُ بِمُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ لِتَدْلِيسِهِ أَيْ لَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ الْوَطْأَةِ جَزْمًا، وَلَا فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَنْ يَزِيدَ عَمَّا تُسَاوِيهِ الْعَيْنُ. (وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ مَا يُؤَوِّلُهُ إلَيْهِمَا، فَإِنْ تَوَهَّمَ اتِّخَاذَهُ إيَّاهُمَا مِنْ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ تَحَقَّقَ فَحَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِالتَّوَهُّمِ الْحُصُولُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَحُرْمَتُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُتَحَقِّقَةٍ أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ.
(وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ (وَالْوَلَدِ) الرَّقِيقِ الصَّغِيرِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِسَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ تَقْرِيبًا (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَسَوَاءٌ التَّفْرِيقُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا. وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَانِ التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا مَنْعَ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا (وَإِذَا فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ فَرَّقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ صَحَّ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ مُوَافِقٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً) بِالنَّصْبِ. رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةٌ ثَالِثَةُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ وَالْهِبَةِ إنْ لَمْ يَرْضَ السِّلْعَةَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ هُنَا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَنَاهِي الْأَوَّلِ وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَحَلِّهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ هُنَا أَيْضًا وَتَقْدِيمُ مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ لِلْبُطْلَانِ فِيهَا.

. فَصْلٌ:

بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ) عَبْدَهُ (وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي مِلْكِهِ) مِنْ الْخَلِّ وَالْعَبْدِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ. قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَالْقَوْلَانِ بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ، وَالصِّحَّةُ فِي الْأُولَى دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّقْدِيرِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ فَرْضِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ فِي الْأُولَى وَلِمَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ عَبْدَ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ مَالِكُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فِي الْأَظْهَرِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِالْعِلْمِ بِهِ بَعْدَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ. (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ (إنْ جَهِلَ) كَوْنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ خَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ. فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ الْخِلَافُ الْآتِي مِنْ الْحِصَّةِ أَوْ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ قَطْعًا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ عَالِمًا بِأَنَّ بَعْضَ الْمَذْكُورِ لَا يَقْبَلُ الْعَقْدَ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ لَهُ (مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا وَقِيلَ عَصِيرًا، وَالْحُرُّ رَقِيقًا، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَالْمُسَمَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِائَةً فَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسُونَ (وَفِي قَوْلٍ: بِجَمِيعِهِ) وَكَأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ رَضِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَمْلُوكِ لِلْبَائِعِ (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ لِتَعْدِيدٍ حَيْثُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَطَمِعَ فِي ثَمَنِه (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ) انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَنْفَسِخُ فِيهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُخْرَجَيْنِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ مَعًا (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا (قَطْعًا) وَطَرَدَ أَبُو إسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَضَعَّفَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً
(وَلَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَالْإِجَارَةِ وَبَيْعٍ أَوْ) إجَارَةٍ (وَسَلَمٍ) كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَبْدَيَّ وَآجَرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا، وَكَقَوْلِهِ: آجَرْتُك دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك صَاعَ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِي سَلَمًا بِكَذَا (صَحَّا فِي الْأَظْهَرِ وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالثَّانِي يَبْطُلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ، وَيَلْزَمُ الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ، وَذَلِكَ مَحْذُورٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ وَشِقْصٍ مِنْ دَارٍ صَفْقَةً وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ وَاحْتِيجَ إلَى التَّوْزِيعِ اللَّازِمِ لَهُ مَا ذَكَرَهُ (أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ) كَقَوْلِهِ زَوْجَتُك بِنْتِي. وَبِعْتُك عَبْدَهَا وَهِيَ فِي حِجْرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ وَفِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُمَا وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ بِأَبْسَطَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا (وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا وَذَا بِكَذَا) فَيُقْبَلُ فِيهِمَا وَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ (وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) نَحْوُ بِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا وَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ (وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) نَحْوُ بِعْتُكُمَا هَذَا بِكَذَا فَيُقْبَلَانِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَالْبَائِعِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بَانٍ عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ فَالنَّظَرُ إلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْإِيجَابُ وَلَوْ فِي أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ قِسْطَهُ مِنْ الْمَبِيعِ كَمَا يُسَلِّمُ الْمُشَاعَ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ حَتَّى يُوَفِّيَ الْآخَرَ نَصِيبَهُ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي لِثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ (وَلَوْ وَكَّلَاهُ أَوْ وَكَّلَهُمَا) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ) فِي اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ: تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الْوَجِيزِ وَنُقِلَ فِي الشَّرْحَيْنِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَكِيلٍ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ رَدُّ نِصْفِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ لِحُكْمٍ وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلٌ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلَانِ عَنْ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُوَكِّلِ الْوَاحِدِ رَدُّ نِصْفِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلِينَ رَدُّ نِصْفِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ هُوَ شَامِلٌ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ.

. باب الخيار:

(يَثْبُتُ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ كَالصَّرْفِ وَ) بَيْعِ (الطَّعَامِ بِطَعَامٍ وَالسَّلَمِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَيَقُولَ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنَّ أَوْ إلَى أَنْ، وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَكَانَ مَجْزُومًا، وَلَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَسَيَأْتِي السَّلَمُ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ مَا قَبْلَهُ وَاحْتَرَزَ بِذِكْرِ الْمُعَاوَضَةِ عَنْ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا خِيَارٌ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ يَفِي الْخِيَارُ فِيهِ عَلَى خِلَافِ الْمِلْكِ (فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَلَهُمَا الْخِيَارُ) كَمَا هُوَ الْأَصْلُ (وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي تَخَيُّرُ الْبَائِعِ دُونَهُ) لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ سَيَأْتِي تَوْجِيهُهَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَظْهَرُهَا الثَّانِي فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ الْخِيَارُ لَهُمَا وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ حَتَّى يَلْزَمَ الْعَقْدُ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ رُجِّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ النَّفْيُ (وَلَا خِيَارَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ (وَكَذَا ذَاتُ الثَّوَابِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالصَّدَاقِ فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَالثَّانِي يَثْبُتُ فِيهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ بِثَوَابٍ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَالشَّفِيعُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَرِي لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَالْمُسَاقَاةُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ فَإِنْ فُسِخَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ عِوَضُ الْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَلَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ: الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ، فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَ (وَيَنْقَطِعُ) الْخِيَارُ (بِالتَّخَايُرِ بِأَنْ يَخْتَارَ لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْدَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ كَأَمْضَيْنَاهُ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ أَوْ أَجَزْنَاهُ (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) لُزُومَهُ (سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْخِيَارِ (وَبَقِيَ الْحَقُّ) فِيهِ (لِلْآخَرِ) وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، سَقَطَ خِيَارُهُ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ.وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ
وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ فَسْخَهُ قُدِّمَ الْفَسْخُ (وَ) يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ أَيْضًا (بِالتَّفَرُّقِ بِبَدَنِهِمَا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَيَحْصُلُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ إذَا بَايَعَ فَارَقَ صَاحِبَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ قَامَ يَمْشِي هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ (فَلَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا) وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا نِهَايَةُ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطَةُ شَرْعًا (وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ) فَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ تَفَرُّقًا يَلْزَمُ بِهِ الْعَقْدُ فَإِنْ كَانَ فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ فَالتَّفَرُّقُ بِأَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، أَوْ يَصْعَدَ سَطْحَهَا أَوْ كَبِيرَةٍ فَبِأَنْ يَنْتَقِلَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَحْنِهَا إلَى صِفَتِهَا أَوْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ فِي صَحْرَاءَ أَوْ سُوقٍ فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا (وَلَوْ مَاتَ) أَحَدُهُمَا (فِي الْمَجْلِسِ أَوْ جُنَّ فَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ) أَيْ الْخِيَارِ (إلَى الْوَارِثِ وَالْوَلِيِّ) وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ فَوَاضِحٌ، أَوْ غَائِبَيْنِ عَنْهُ وَبَلَغَهُمَا الْخَبَرُ امْتَدَّ الْخِيَارُ لَهُمَا امْتِدَادَ مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَقِيلَ لَا يَمْتَدُّ بَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ سُقُوطُ الْخِيَارِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْحَيَاةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَكَانِ، وَفِي مَعْنَاهَا مُفَارَقَةُ الْعَقْلِ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِهِمَا، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ بِالْأَظْهَرِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ وَمُقَابِلُهُ مَخْرَجٌ فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ فِيهِمَا بِالْأَصَحِّ تَغْلِيبًا لِلْمُقَابِلِ كَمَا يَصِحُّ بِالْأَظْهَرِ تَغْلِيبًا لِلْمَنْصُوصِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ قَبْلَ لُزُومِهِ (وَلَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفَرُّقِ أَوْ الْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِأَنْ جَاءَا مَعًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفَرُّقَ قَبْلَ الْمَجِيءِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لِيَفْسَخَ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى التَّفَرُّقِ، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (صُدِّقَ النَّافِي) بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ.

. فَصْلٌ: [في شرط الخيار]

لَهُمَا أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ) عَلَى الْآخَرِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) لِمَا سَيَأْتِي (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) فِي بَعْضِهَا (الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ فِيهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَا عَلَقَةَ بَيْنَهُمَا (وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَلَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً أَوْ زَائِدَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ«ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِلَفْظِ«إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ عُمَرَ«فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُهْدَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَسَمَّى الرَّجُلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوحِدَةِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَخِلَابَةٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوحِدَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهِيَ الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَ لَا خِلَابَةَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَاقِعَةُ فِي الْحَدِيثِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ عَلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِمَا مَعًا (وَتُحْسَبُ) الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَمَا دُونَهَا (مِنْ الْعَقْدِ) الْوَاقِعِ فِيهِ الشَّرْطُ
(وَقِيلَ: مِنْ التَّفَرُّقِ) شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِطَ يَقْصِدُ بِالشَّرْطِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْمَجْلِسُ، وَعُورِضَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّفَرُّقِ يُورِثُ جَهَالَةً لِلْجَهْلِ بِوَقْتِهِ وَلَوْ شُرِطَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدُ صَحَّ الشَّرْطُ لِلتَّصْرِيحِ بِالْمَقْصُودِ وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ وَمِثْلُ التَّفَرُّقِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ. التَّخَايُرُ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارُ مِنْ الْغَدِ بَطَلَ الْعَقْدُ. وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ، فَفِي الْيَوْمِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَ الْعَقْدُ نِصْفَ النَّهَارِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ شَرْطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ. وَلَيْسَ لِلشَّارِطِ خِيَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْآنَ فِي الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُوَكِّلِ، قِيلَ لَا وَطَرْدًا فِي شَرْطِهِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَرِيحًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ مُخْرِجٌ لِمَا تَقَدَّمَ نَفْيُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ جَزْمًا أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ مِنْهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ شَرْطِهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ، عَلَى وِزَانِهِ أَيْضًا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ بَطَلَ الْعَقْدُ.
(تَتِمَّةٌ): عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لُزُومَ الْعَقْدِ، وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَلِيِّ، وَلِمَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي انْقِضَائِهَا أَوْ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ صُدِّقَ النَّافِي بِيَمِينِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ) الْمَشْرُوطُ (لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لَهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ) أَيْ الْمِلْكُ (وَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَمَوْقُوفٌ) أَيْ الْمِلْكُ (فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ أَنَّهُ) أَيْ الْمِلْكُ (لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَالثَّانِي الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَمَامِ الْبَيْعِ لَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالثَّالِثُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ حَيْثُ حَكَمَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِأَحَدِهِمَا حَكَمَ بِمِلْكِ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ، وَحَيْثُ تَوَقَّفَ فِيهِ تَوَقَّفَ فِي الثَّمَنِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ كَسْبُ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْبَائِعِ فَهُوَ لَهُ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ وَقِيلَ لِلْبَائِعِ وَفِي مَعْنَى الْكَسْبِ اللَّبَنُ وَالْبَيْضُ وَالثَّمَرَةُ وَمَهْرُ الْجَارِيَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ (وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا) فَفِي الْفَسْخِ (كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَرَفَعْته وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ) وَرَدَدْت الثَّمَنَ (وَفِي الْإِجَازَةِ أَجَزْتُهُ) أَيْ الْبَيْعَ (وَأَمْضَيْتُهُ) وَأَلْزَمْتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَوَطْءُ الْبَائِعِ) الْمَبِيعَ (وَإِعْتَاقُهُ) إيَّاهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوَّلَهُمَا (فَسْخٌ) لِلْبَيْعِ (وَكَذَا بَيْعُهُ وَإِجَازَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ) لِلْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِشْعَارِهَا بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْفَسْخِ بِذَلِكَ وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِفَسْخٍ، وَلَا خِلَافَ فِي الْإِعْتَاقِ وَهُوَ نَافِذٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَهُوَ حَلَالٌ لِلْبَائِعِ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَعُقُودُ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ صَحِيحَةٌ، وَقِيلَ لَا لِبُعْدِ أَنْ يَحْصُلَ بِالشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْفَسْخُ وَالْعَقْدُ جَمِيعًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) الْوَطْءَ وَمَا بَعْدَهُ (مِنْ الْمُشْتَرِي) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوْ لَهُمَا (إجَازَةٌ) لِلشِّرَاءِ لِإِشْعَارِهَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَمَسْأَلَتَا الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ ذَكَرَهُمَا الْوَجِيزُ وَخَلَا عَنْهُمَا الرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا وَهُمَا وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قَطْعًا، وَالْإِعْتَاقُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي نَافِذًا عَلَى جَمِيعِ أَقْوَالِ الْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا غَيْرَ نَافِذٍ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ صِيَانَةً لِحَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ الْعِتْقُ وَإِلَّا فَلَا وَالْوَطْءُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا حَرَامٌ قَطْعًا فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ حَلَالًا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْعَرْضَ) لِلْمَبِيعِ (عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ (لَيْسَ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْمُشْتَرِي) وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فَسْخٌ وَإِجَازَةٌ مِنْهُمَا لِإِشْعَارِهِ مِنْ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إشْعَارَهُ بِذَلِكَ، وَيَقُولُ يُحْتَمَلُ مَعَهُ التَّرَدُّدُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ.